قالت ورقة صغيرة لأخواتها ، في غصن صغير ،
بعيد من الأغصان المتدلية في الشجرة الكبيرة ، قالت في صلف :
إني أمقت هذه الشجرة ، اشد من مقت إبليس للمؤمن ،
إذ لولا إمساكها بي ، لكان لي شأن آخر
شأن آخر كبير في هذه الحياة ،
شأن يعلو فيه مقامي ،
وتهاب فيه كلمتي ،
ويرتفع فيه اسمي ...
ويجلجل فيه صوتي ..!
أنا .. وأنا .. وأنا ..!! وذهبت تنفخ نفسها في غرور ..
وفي اليوم التالي ،
بدأت بوادر الخريف ، واهتزت الأشجار وارتجفت جذورها ،
فكانت تلك الورقة نفسها ، أول الأوراق الساقطة على الأرض ،
فسارعت أخواتها يقلن لها : ها قد تحقق لك الأمل ،
فأرينا الآن ما أنت صانعة ..!؟
قالت باسمة منتشية :
نعم ، نعم ، أبشرن ، وأنا ألان أجمع قواي ..! آآآآه ..!
في اليوم الذي يليه ، كانت تلك الورقة قد تيبست تماماً وجفت ،
و مرت عليها أقدام حيوان صغير فتفتت تماماً ..!
ضحكت الشجرة وهي ترى ذلك المصير ثم قالت :
هذه عاقبة الجحود والغرور .. أيتها المسكنة كم جنيت على نفسك ..؟!
همس الكون في قلوب العقلاء :
اعقل أيها الإنسان وتعـلّم ..!
اعتبر لو كنت تعقل .. قبل أن تكون عبرة لغيرك ..!!
مسكين هذا المغرور ..!!
يحسب أنه قريب من القلوب ، وهو أبعد ما يكون منها ...!!
يحسب أن محبوب إلى الناس ، وهو أبغض الخلق إليهم ..!!
* * *
كم هي تلك الأوراق التي تنصلت من منهج الله وترفعت ..
وغرتها المعرفة والحداثة في عصرها فماتت عبدة تحت أقدام جحودها وغرورها وهي لا تدري سبب هلاكها من نفسها ..
منهج الله يغذينا ويثبتنا .. وهو الغني عنا ونحن لا محال نهلك بدونه ..
أُعطينا إياه منّة من الله وفضل .. فمن يعرف ذلك ؟؟