من فضائل شعبان

موضوع: من فضائل شعبان 22/08/08, 06:23 am

" الجزء الأول "
من فضائل شعبان

الحمد لله، والصلاة والسلام على حبيب الله ومصطفاه، شمس الحق المشرقة بنور هداه، شفيع المذنبين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وصحابته الهادين المهديين، وبعد،
عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان.
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: (ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)... رواه النسائي وغيره.
ومن فوائد الصوم في شعبان أنه كالتمرين والتأهيل والتدريب على صيام رمضان، قبل أن يدخل شهر الصوم.
ونذكِّر بأن من بقي عليه شيء من رمضان الماضي فيجب عليه صيامه قبل أن يدخل رمضان القادم، ولا يجوز التأخير إلى ما بعد رمضان القادم إلا لضرورة - مثل العذر المستمر بين الرمضانين - ومن قدر على القضاء قبل رمضان ولم يفعل فعليه - مع القضاء بعده- التوبة وإطعام مسكين عن كل يوم.

وقيل: لما كان شعبان كالمقدّمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة، وقال سلمة بن سهيل كان يقال: شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن.
وفي شهر شعبان أكرم الله حبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وآله وسلم بشق القمر عندما طلب منه طغاة قريش أن يشقه لهم ليؤمنوا به فشُقَّ له صلى الله عليه وآله وسلم، فلما انشق فلقتين نادى طغاة قريش: شيبتنا يا محمد بسحرك، وما ازدادوا إلا كفرا وإنكارا.
وفي شهر شعبان حولت القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام.
ومع أن الله تعالى يتفضل على الأمة الإسلامية بمزيد فضله في تلك الآنات، إلا أننا نجد من يعكر صفو الوفاق والوحدة بين أبناء الأمة فيحيل هذه المناسبة إلى إنكار وجدل بسبب إحياء ليلة النصف من شعبان، والحقيقة أن الأمة الإسلامية عانت من التفرقة ما عانت ومازالت تعاني، والأوْلى العمل على توحيد كلمة الأمة لتتفرغ لمواجهة العدو الخارجي.

ومما ييسر فهم هذا الأمر فهما صحيحا ما أورده الإمام أبو العزائم في كتابه: "مشارق البيان في فضائل شعبان"مما يلي:
إن المسلمين قد أجمعوا أن الله خص بفضله أفرادا من عباده الصالحين، وأمكنة خاصة وأزمنة خاصة، فجعل في الأسبوع يوما وهو يوم الجمعة، وفي السنة شهرا للصيام، وأربعة أشهر حرم، وخص ليلة الإسراء بحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم، فلا حرج على فضله أن يختص ليلة النصف من شعبان في كل عام بفضيلة استجابة الدعاء وقبول التوبة ممن يتوب، والعفو عن كثير من المذنبين، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.
ولا يمنع هذا الفضل العظيم إنكار من أنكر، فقد ذكر فضلها الإمام أبو طالب المكي - وهو من أئمة السلف الصالح الصادقين في الفضل والرواية - في كتابه: "قوت القلوب" أن ليلة النصف من شعبان كان يعتني بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجتمعون لصلاة النوافل جماعة، إحياء لها والتماسا لخيرها.
فقد ورد أن فيها ترفع الأعمال وتقدر الأرزاق والآجال، وقد ورد فيها الدعاء المأثور الذي يلتمس فيه الداعي خفيّ اللطف في قدر الله، ولله تعالى فيها نظرات إلى خلقه.
وقد ورد في إحيائها أحاديث، وإن كان سندها لم يبلغ درجة الصحاح فيكون على شرط البخاري أو مسلم، إلا أنها في فضائل الأعمال والأخذ بها حسن.
والأحاديث الواردة في الفضائل الأوْلى للمسلم أن يسلمها من غير تدقيق في سندها لأنها ليست أحكاما شرعية، ولأن أحاديث الفضائل كان يخص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرادا من أهل الصُّفة الذين أقبلوا على الله بالكلية، وهم الذين أمر الله حبيبه صلى الله عليه وسلم أن يصبر نفسه معهم.